مَرَّ بائع الأحْزان
ينادي..
أحزانٌ أحزان..
يقرَع الأبوابَ
ويرفع صوته عاليا..
والناس تقفل نوافذها
فلا أحد يشتري الأحزان
..قال بعشرة دنانير
ثم قال بخمسة!!
أحزانٌ يا سادة..
أحزان..
خذوها بدينارٍ
بل خذوها بالمجان..
فتحتُ نافذتي
رأيت الرجل مبتسما
يقول بالمجان!!
قلت: ما هذه الأحزان التي تجعل بائعها يبتسم
ناديت على بائع الأحزان
أتاني بخطىً ذابلة
وكأنه سيبيعني الحنان
أو أن بجعبته
حدائق أقحوان
أو فراشات تطير..
حول زهور الجِنان
فتح صندوقه الصغير وقال
خذ ياسيدي..
هَمٌ بالمجان
فاملأ به حياتكِ
وأطلق لدموعك العَنان
أحلامٌ في حياتكَ
ضائعةُ العنوان
ومليون لوحة
ترثي جمالها الألوان
وحبٌ يجرح فؤادكَ
بخنجر كمخالب الجان
وجدرانٌ تضيق حولك
تسلب من أعماقكَ السلوان
وأمنياتك تموت عطشا
في صحاري من حرمان
وألف وردة مشنوقةٍ
تطفو على سطح الفنجان
خذ ياسيدي الهمَّ
من بائعٍ فنان
وضع بيدي حصا..
يشبه بشكله المرجان
وقال: ياسيدي أقفل الأبواب بداخِلِكَ
فموعد دموعكَ قد آن!!
وساد الصمت
فقد غادر بائع الأحزان
تركني أشيخ في لحظة
لأموت قبل الأوان…